قانون الإدارة المحلية الجديد، التقسيمات الإدارية

مع تكرار الحديث عن وجوب اصدار قانون الإدارة المحلية الجديد و تحديد موعد انعقاد انتخابات المحليات خصوصا مع شبهة مخالفة الدستور لوجوب نظام ادارة محلية جديد في مدة اقصاها أول 2019 (1) ، يخرج علينا النواب البرلمانيين و المسئولين الحكوميين بوعود باقرار القانون في دور الإنعقاد الحالي (2) أو القادم (3) . مع التأكيد على اجراء الإنتخابات بنهاية هذا العام على حد اقصى ( وعود نسمعها من عام 2016 (4)).
بغض النظر عن اسباب تأخر اصدار القانون ، أو إن كان سيصدر و تجرى الإنتخابات أم لا، فإني بصدد كتابة بعض المقالات التحليلية عن مسودة القانون المعروضة على اللجنة العامة لمجلس النواب بعد اتمام مناقشته بداخل لجنة الإدارة المحلية برئاسة النائب احمد السجيني و تم التوافق عليه من قبل النواب و الحكومة في فبراير 2017 (5).
من الأسباب التي دفعتني للبدء في كتابة هذه المقالات هي انني شاركت مع مجموعة من الشباب (جبهة محليات مصر) في صياغة مسودة لقانون الإدارة المحلية، تبناها حزب الوفد بعد جلسات نقاش عدة مع نوابه في البرلمان بخاصة المهندس احمد السجيني ( رئيس لجنة الإدارة المحلية) و تم عرضها على بعض الأحزاب الأخرى مثل المصريين الأحرار و الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي و حزب مستقبل وطن، كما قام حزب الوفد بتنظيم مؤتمر حضره اكثر من مئة نائب من مجلس النواب، بعض الوزراء مثل وزير التنمية المحلية، و وزير الشباب  في 2016 تم عرض مسودة القانون فيه. و تم مناقشة المسودة مع مشاريع قوانين اخرى مقدمة من نواب اخرين في لجنة الإدارة المحلية حتى تم اقرار مشروع نهائي متفق عليه لقانون الإدارة المحلية في فبراير 2017.

الأبواب الرئيسية لمشروع القانون 

يشترك مشروع القانون الجديد يشترك في تقسيم ابوابه الرئيسية مع القانون القديم حيث يقسم القانون إلى 4 ابواب رئيسية :
- الباب الأول : التنظيمات الأساسية لإدارة المحلية
- الباب الثاني: المجالس المحلية
- الباب الثالث: الموارد المالية
- الباب الرابع: التخطيط و الشئون المالية لوحدات الإدارة المحلية و مجالسها 

حيث يتناول الباب الأول الوحدات الإدارية، الوزارة، مجالس المحافظين ، اختصاصات القيادات التنفيذية بتدرجها ( المحافظ، رئيس المدينة، رئيس المركز ، رئيس الحي ، رئيس الوحدة المحلية للقرية.

الوحدات الإدارية و مشروع الأقاليم التنموية 2017 

الفصل الأول من الباب الأول لمشروع قانون الإدارة المحلية يتناول موضوع الوحدات الإدارية ، حيث يحدد المستويات الإدارية للإدارة المحلية من محافظة، مركز، مدينة، وحدة محلية قروية و حي ، يحدد طرق انشاء ، توسيع نطاق ، تعديل و الغاء هذه الوحدات . يحدد ايضاً اختصاصات الوحدات المختلفة ، يتناول هذا الفصل ايضا الهيكل العام للإدارة المحلية ، من مجالس محلية منتخبة في نطاق كل وحدة ادارية إلى مسئولين تنفيذيين .يتم تحديد المدن ذات الطبيعة الخاصة وتنفرد اخر 3 مواد في هذا الفصل على تعريف جديد و هو مجلس اقاليم التنمية المحلية ، هيكلها، اختصاصاتها، الأمانات و اللجان التي يحق لهذا المجلس انشاءها و تحديد اختصاصها .
بشكل عام الفصل الأول من الباب الأول يعتبر حجر اساس للهيكل العام المأمول للإدارة المحلية و معتمد بشكل اساسي على التقسيمات الإدارية للدولة التي مزمع اعادة ترسيمها طبقا  للمخطط الصادر عن الهيئة العامة للتخطيط العمراني " إعادة ترسيم حدود مصر إلى اقاليم تنموية" الصادر في اغسطس 2013 و هنا يظهر أول تحدي يواجه الحكومة و المشرعين و يجعلهم مترددين في اصدار قانون الإدارة المحلية ، هل يصح عمل انتخابات للمجالس المحلية على درجات الوحدات الإدارية المختلفة و نحن بصدد انشاء وحدات ادارية جديدة و اعادة ترسيم لوحدات ادارية قديمة؟ . أم الخيار الأصوب هو انتظار اجراء اعادة الترسيم و بعد ذلك اجراء انتخابات المحليات ؟!.
عودة لمخطط الهيئة العامة للتخطيط العمراني ، نجد أن المخطط مقسم لمرحلتين مرحلة اولى في 2017 تستهدف رفع عدد الأقاليم التنموية من 7 اقاليم إلى 10 اقاليم تنموية و رفع عدد المحافظات من 27 محافظة ل32 محافظة ، المرحلة الثانية في 2052 تستهدف تثبيت عدد الأقاليم التنموية عند 10 اقاليم مع رفع عدد المحافظات من 32 ل 38 محافظة.
المصدر: مخطط" إعادة ترسيم حدود مصر إلى أقاليم تنموية"


لو تغاضينا عن المرحلة الثانية من المخطط لبعد الفترة الزمنية ( اكثر من 33 سنة ) ، فإننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن المرحلة الأولى التي وجب تنفيذها من سنتين !! ، "التقسيم الإدارى وترسيم حدود المحافظات والوحدات المحلية مطلوب أيضا، فلا يصح إجراء انتخابات مجالس محلية ولا انتخابات برلمانية إلا بعد اعتماد التقسيم الإدارى الجديد" كما قال النائب محمد الحسيني ( عضو لجنة الإدارة المحلية) (6). كما وضح اكثر من نائب  في مجلس النواب ضرورة اعادة التقسيم الإداري للوحدات ذات الكثافة العالية حيث لا يصح ان تستوي ميزانيات الوحدات الإدارية التي يقطنها 100 ألف مواطن بوحدات ادارية يقطنها اكثر من مليون مواطن كما هي الحالة في مناطق في القاهرة الكبرى (7). يلاحظ أنه باستثناء بعض تصريحات  من رئيس الجمهورية و ترحيب المحافظين (8)، لا يوجد  أي خطة أو جدول زمني للتقسيم الإداري الجديد. يمكن أن يكون سبب صمت الحكومة هو الأزمة التي حدثت في مدن البحر الأحمر بعد محاولة ضمها لمحافظات الصعيد في 2014 و 2016 (9) حيث واجهت الحكومة مقاومة من اهالي هذه المدن ، شيوخ القبائل و العشائر هناك و ممثليهم في مجلس النواب و في نفس الوقت ترحيب من محافظات الصعيد! (10)، تجنبا للخطورة الصدام المجتمعي اوقفت الحكومة محاولات التقسيم.

بالرجوع لمشروع قانون الإدارة المحلية ، نجد أن الموضوع لا يقتصر على الوحدات الإدارية الأدنى كالقرى و الأحياء و لكن نجد أن على مستوى الأقاليم التنموية التي استحدث مواد في مشروع القانون تنظم هيكل مجلسها و اختصاصاته ،يرى النواب الحاجة لانتظار تفعيل مخطط التقسيم الجديد، قبل اجراء انتخابات المحليات و لكن اشكالية التقسيمات الإدارية تتعلق بالأساس بشق تطبيق القانون و تنظيم انتخابات المجالس المحلية و لا تتعلق بالجانب التشريعي ، فلا داعي لتأجيل اقرار القانون كل هذه المدة و لو توفرت الإرادة السياسية لكنا بصدد اقرار قانون الإدارة المحلية الجديد و تجنب شبهة مخالفة الدستور و اجراء انتخابات للمجالس المحلية حتى على الوضع الإداري القائم لحين حل اشكالية التقسيمات الجديدة للمحافظات.






تعليقات